محلي

وهران: السكوم …خضرة الربيع واستثمار واعد

يعرض نبات السكوم البري الذي يعد من النباتات التي تبشر بحلول فصل الربيع بكثرة بأسواق عاصمة الغرب الجزائري (وهران) خلال الموسم الحالي، و هو يزاحم بعض الخضروات الورقية على غرار السبانخ و الخبيز.
وقد غزا هذا النوع من الخضروات المعروفة أيضا عند الوهرانين باسم “السكومة” مختلف الأسواق منها الكبيرة المغطاة أو المفتوحة منها سوقي “المدينة الجديدة” والأوراس (لاباستي سابقا), وحتى على مستوى أسواق الأحياء الشعبية.
وقد انتلقت أسعار هذا المنتوج الى قيمة تتراوح بين 100 و200 دج للحزمة الواحدة, بعد أن كان سعره لا يتعدى 20 دج للحزمة الواحدة خلال السنتين الماضيتين.
فبعد ان فقدت “السكومة” شعبيتها خلال العشرية السوداء و صعوبة قطفها سواء على أبناء الفلاحين أو زوار المناطق الجبلية بوهران, فانها عادت من جديد بالنظر لفوائدها الغذائية مثلما يؤكده أحد الباعة بالسوق الشعبي “سان ريمي” ( شرق وهران) وهو مختص في بيع المنتجات الزراعية الغابية والذي يعرض بضاعته (السكوم) مع أواخر شهر فبراير إلى غاية نهاية الجني في أبريل.
وبالنظر للمنافع الغذائية للسكوم وفوائده الصحية, أصبح هذا النبات مفضلا عند كثير من المستهلكين الذين يتبعون حمية أو نمط غذائي نباتي لعدة أسباب بحيث يتم اقتناؤه بغض النظر عن سعره المرتفع في الأونة الأخيرة وبكميات كبيرة مقارنة مع الخضروات الورقية الأخرى مثل الخبيز والسلق, التي لا يتجاوز سعر الحزمة الواحدة منها 30 دج, كما أضاف ذات البائع.
و يشكل السكوم مصدر رزق كثير من الشباب الذين يقطفونه من شتى المناطق ثم يعرضونه “حزم صغيرة” عبر حوافي الطرقات الوطنية المحاذية لبساتين الزيتون والحوامض وحقول الحبوب من بوتليليس (وهران) إلى غاية العامرية (ولاية عين تموشنت), وكذا على مستوى المحاور المؤدية إلى المناطق الساحلية بالعنصر وبوسفر ورأس الأبيض (عين الكرمة).
وعلى الرغم من أن السكوم يعتبر من النباتات التي تنمو وحدها دون أن تكلف هؤلاء الباعة سنتيما واحدا, شأنها شأن التين الشوكي, غير أن أسعارها تبقى مرتفعة مما جعل كثير من العائلات الوهرانية تقصد المناطق التي تكثر فيها هذه النبتة لقطفها في سياق جولات ترفيهية بين أحضان الطبيعة وخرجات للنزهة الغابية, وفق السيدة خديجة التي تفضل أن تأكل السكوم طريا وقبل أن تذبل سيقانه بعد مدة من القطف.

— فوائد صحية واستثمار واعد —

وينتشر السكوم كثيرا في عدة مناطق بوهران على غرار قرى “عين تاسة” و«سيدي بختي” و«سيدي حمادي” وبمحيط الامتياز “بن زينة “ و«الرأس الأبيض” وكذا على طول السكة الحديدية الممتدة من مسرغين مرورا بعدة مناطق إلى غاية العامرية (عين تموشنت), التي تنمو فيه هذه الخضرة التي تعتبر من النباتات الربيعية المزهرة, حسبما أوضحه مهندس زراعي, معروف خريف.
وأضاف المتحدث, وهو رئيس المقاطعة الفلاحية لبوتليليس, أن هذه النبتة “لذيذة المذاق” هي نبات طبيعي تنبت لوحدها ولها ساق مستقيمة وأوراق رقيقة وتحمل رأسا صغيرا وتحتوي على كثير من الأملاح والفيتامينات ولها فوائد غذائية وصحية للإنسان بحيث أنها تساعد كثيرا في علاج بعض الأمراض وتدخل ضمن تراث الطبخ الوهراني.
وتتوفر وهران على السكوم الأخضر والمائل إلى اللون البنفسجي والذي ينتشر كثيرا بالمناطق الجبلية مثل “الغوالم” بطفراوي وترزيزة (مسرغين) وبجبل “أقهر” بقديل, فضلا على أن النبات يكثر فيه الشوك, حسبما أوضحه من جهته رئيس جمعية تربية الطيور وحماية الحيوان والبيئة “شفيع الله” بوهران.

وأصبح هذا النبات قليلا بهذه المناطق لاسيما خلال السنوات الأخيرة لعدة أسباب منها أنه يقطف في غير موسم الجني, علاوة على نشاط الرعي غير الشرعي, فضلا على أن أغصانه الصغيرة الشوكية تستعمل من طرف باعة الأزهار في تشكيل باقات الورود أو تزين سيارات موكب العروس, يضيف معمر شفيع الله, الذي أشار إلى “أن جمعيته تسعى من خلال مختلف حملات التشجير التطوعية إلى توعية الزائرين للغابات بالحفاظ على هذه النبتة”.
ويمكن أن يكون السكوم محل استثمار زارعي “واعد”, إذا ما تم غرسه في المساحات الصغيرة خاصة أن مناخ وهران جد ملائم لذلك, ناهيك عن تربتها ونوعية أراضيها, كما أنه لا يحتاج إلى المياه كثيرا, حسبما ذكره خبير في الاقتصاد الريفي, الدكتور عباد فاتح, مؤكدا “ضرورة التوجه إلى المنتجات الفلاحية التي لها قيمة تجارية, مما سيحقق ربحا إضافيا للمزارعين, وبالتالي تعزيز التنمية بالمناطق المعنية”.
كما أن زراعة هذا النبات- يواصل المتحدث- ليست مكلفة كثيرا بحيث أن خاصية هذا النبات “أنه معمر وبإمكان المستثمر في هذا المجال أن يجني المحصول لمدة 15 سنة بعد ثلاث سنوات من الغرس”.
ولفت الدكتور عابد في هذا الصدد “أن مشروع زراعة السكوم سيحقق نجاحا وربحا مادام أن ثقافة البيع واستهلاكه موجودة بوهران منذ زمن بعيد”, مشيرا الى أن “الشيء الوحيد الذي ينقص, هو تطوير زراعة السكوم التي قد تخلق مهن أخرى على غرار التصبير”.
واضاف السيد عابد وهو عضو بمجلس ادارة غرفة الفلاحة لوهران انه من أجل إنجاح هذه التجربة الزراعية الرامية إلى تثمين المنتجات الفلاحية المحلية, التي تزخر بها عاصمة الغرب الجزائري, يتعين على المطاعم والفنادق بمختلف نجومها إدراج أطباق السكوم “اللذيذة” التي تعتبر أكلات شعبية تقليدية بامتياز ضمن “قائمة الاطعام” المقترحة على الزبائن, للترويج للسكوم.
وبالفعل فان العائلات الوهرانية تتفنن في طهي السكوم حيث قد تستعمله حساء أوطبق مقلي مع البيض أو محشي في “البوراك” أو كسلطة مع تشكيلة خضر أخرى مرافقة لطبق السردين المشوي أو المقلي, علاوة أن بعض ربات البيوت تلجأن في غير موسمه إلى السكوم الأبيض المعلب المستورد, لكن لذة الطازج بلونيه الأخضر والبنفسي لها نكهة مميزة وأحسن بكثير من المستورد.
آخر تعديل على الثلاثاء, 20

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى