ثقافي

وردة معمري من قسنطينة, امرأة حديدية بأنامل سحرية

شعبية الشابة وردة معمري الناشطة في مجال الحدادة بأعالي منطقة عين سمارة (20 كلم جنوب غرب قسنطينة) وذلك بعد أن تمكنت من كسر القاعدة وشق طريقها في مهنة ظلت حكرا على الرجال صانعة من نفسها امرأة حديدية بأنامل سحرية.
ومع اقتراب يوم المرأة العالمي المصادف للثامن مارس من كل سنة, فتحت هذه الشابة الطموحة لوأج أبواب ورشتها, أين اعترفت بأنها “تلقنت منذ سن 24 أصول مهنة الحدادة على يد خالها في تحد منها لقساوة هذه المهنة و رغبة منها في الإبقاء على تقاليد الأجداد محققة حلمها رغم الأحكام المسبقة و صانعة خصوصية خوض امرأة من ولاية قسنطينة مهنة لطالما كانت ذكورية بامتياز”.
و تقوم وردة, وهي المرأة الوحيدة التي تنشط في مجال الحدادة الفنية بقسنطينة, بنقل المواد الأولية بنفسها وصنع تحف في الحدادة بأحجام مختلفة وذلك باستخدام أدوات وآلات ثقيلة فضلا عن إعداد تصاميم حديثة وأنماط إبداعية مستوحاة من أشكال جديدة تتماشى مع طلبات الزبائن.
وبمجرد تطويع الحديد, تستخدم الحدادة وبكل مهارة أدوات الطرق و اللي و القطع لتصنيع أشياء متنوعة متسلحة بشخصيتها القوية و طموحها الذي لا تحده أية عوامل.
وتقوم وردة بتشكيل الحديد على عدة أشكال منها أوراق شجر و أبواب و شرفات فيظل الشكل النهائي للعمل, حسب تعبيرها “يأسرها ويسحرها و يذكرها بكل تلك التفاصيل الدقيقة الخاصة بكيفية تشكيل كل قطعة و التي تخضع لمعاملة خاصة” لاسيما مرحلة الانتقال من مرحلة تطويع الحديد إلى تشكيل المنتوج.
وجعل انتقال وردة من أعمال الحدادة التقليدية إلى الحدادة الفنية أو الصناعية, تطور من قدراتها و تحسن أداءها, حيث فسح المجال أمامها لتشكيل زخارف معمارية مصنوعة من الحديد. وأكدت الحدادة وردة بأن معظم منتجاتها في الحدادة يتم إعدادها في فترة “لا تتجاوز الثلاثة أيام”.
وقبل أن تطرق باب هذه المهنة, كانت وردة فتاة عادية, لتطلق فيما بعد العنان لأحاسيسها وتكتشف سحر الحدادة و تدرك حينها أنها وجدت ضالتها و شغفها وهو ما شكل بالنسبة لها الشيء الأكثر أهمية.
و اعترفت أنها حينها أحست أنها “ولدت من جديد”, معتبرة أن “تحمل عبء مسؤولية تسيير ورشة الحدادة الفنية والتوفيق بين الحياة المهنية والأسرية علاوة على تحمل نظرة المجتمع لها نظير ممارستها مهنة يغلب عليها الطابع الرجالي” جعل تحقيق حلمها في بادئ الأمر “صعب المنال”.
ويحذو الحدادة القسنطينية, التي تبلغ 34 سنة, نفس الإقبال و العزيمة و الحماس الذين كانت تنتابها في بداياتها الاولى مع هذه المهنة, و ترى أن رفع مثل هذه التحديات يستوجب التحلي بشخصية قوية.
وأضافت قائلة : “قصتي مع هذه المهنة ولدت من رحم التحدي و قد كافحت كثيرا للوصول إلى ما حققته لحد الساعة و أنا أتطلع حاليا لاكتساب مزيد من الاستقلالية و اكتساب ورشة عمل خاصة بي من أجل تحقيق أهدافي”.
من جهته, كشف كمال و هو أحد أقدم زبائن وردة, بأنه تعرف عليها “في بداية مسيرتها المهنية أي منذ أزيد من 10 سنوات”, مشيرا إلى أنه “يتعمد التعامل معها من أجل تشجيعها وكذا عرفانا بتفانيها في عملها و تشكيلها لأعمال فنية ذات جودة و بتكلفة معقولة تناسب مداخيل جميع الزبائن”.
و يتذكر ابن عم وردة, عبد الرحمن معمري, أن بداياتها في هذا الميدان “لم تكن سهلة خاصة و أن هذه المهنة يمارسها غالبا الرجال” و يضيف أن ابنة عمه الحدادة “لم تأخذ بعين الاعتبار آراء الآخرين حيث كانت تكرس جل وقتها لعملها بفضل التشجيعات التي تتلقاها من أفراد عائلتها خاصة من والدها الراحل”.
واعترف لها بسالتها و مثابرتها للتغلب على كل الصعوبات التي واجهتها في بيئتها الاجتماعية مؤكدا أنها اكتسبت شهرة تزداد بمرور الوقت.
و قد مارست الحدادة هذه المهنة كمتمهن خلال سنتين بجانب ابنة عمها و تلقنت على يدها العديد من الأشياء في فترة وجيزة. وبفضل عملها استطاعت أن تغير نظرة الناس تجاهها, حيث أصبح الزبائن يتوافدون عليها من كل صوب سواء من بلدية عين سمارة أو من مؤسسات صناعية و كذا جمعيات بل و حتى زبائن من الولايات المجاورة.
آخر تعديل على الأحد, 07 آذار/مارس 2021 10:56
كلـمات مفتـاحيــة :
اليوم العالمي للمرأة

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى