دولي

ميدل إيست آي: الكاظمي يوطد سلطته ويسيطر على أخطر جهاز في المخابرات العراقية

كشف موقع “ميدل إيست آي” في تقرير لمراسلته سؤدد صالحي، عن الكيفية التي أكد فيها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي سلطته على جهاز أمني مهم، وذلك من خلال اتهام رئيس للمخابرات العراقية بولاءات أجنبية.
وقالت إنه من خلال السيطرة على “خلية الصقور” التي تعتبر من أكثر وحدات المخابرات في العراق تخويفا، أصبح لدى رئيس الوزراء معلومات عن كل الميليشيات الشيعية.
وأضافت أن الخلية حتى أسبوعين ماضيين كانت تحت تأثير الجماعات الموالية لإيران واعتبرت من أهم أرصدة العراق.
وكان ينظر إلى فرقة النخبة الأمنية بأنها “الأكثر خطورة” حيث تلقى أفرادها التدريب على يد المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) والمخابرات البريطانية الخارجية (أم أي6)، لكن رئيس الوزراء في حركة واحدة غير قيادتها وانتزع الخلية من منافسيه الشيعة، وحصل على منظمة تعطيه المعرفة والمعلومات عن أعدائه السياسيين بدرجة تثير قلقهم. وتعلق الكاتبة و«بكل المعايير هو انقلاب لرئيس الوزراء العراقي المحاصر”.
ومنذ وصوله إلى السلطة في أيار/ مايو كافح الكاظمي، مدير المخابرات السابق للسيطرة على أجهزة الإستخبارات المتعددة في البلاد ومعظمها واقعة تحت سيطرة فصائل موالية لإيران.
وتتبع خلية الصقور لجهاز الإستخبارات والتحقيقات الفدرالي في وزارة الداخلية، لديها تدريبات وأجهزة تعتبر الأفضل في المنطقة. ومن خلال السيطرة على الجهاز فقد أصبح بيد رئيس الوزراء جهاز طالما استخدم في السنوات الأخيرة لاستهداف والقضاء على مستقبل السياسيين المنافسين وملاحقة المدنيين.
وترى الكاتبة أن التعديل في إدارة الجهاز الأمني جاءت بعد التفجيرين الانتحاريين في 21 كانون الثاني/ يناير اللذان خلفا 32 مدنيا وأكثر من 110 جريحا. ولم تمض 24 ساعة حتى أعلن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” المسؤولية عنهما. ووجد رئيس الوزراء نفسه تحت ضغوط للتحرك وسط الغضب الشعبي المطالب بالمحاسبة على أول تفجير تشهده بغداد منذ عدة سنوات.
وأشار المسؤولون الأمنيون أن هجمات أخرى يخطط لها ليس في بغداد ولكن البصرة وأماكن أخرى. ورد الكاظمي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة بعزل خمسة قادة عسكريين وأمنيين في الأجهزة الفدرالية ومن بينهم عبد الكريم عبد فاضل المعروف بأبو علي البصري أو “رئيس الجواسيس”، وكان مديرا لخلية الصقور وأحد مؤسسيها.
ورأى الكثير من الذين تحدثت الكاتبة معهم أن عزل البصري كان مفاجأة وتصفية حسابات من الكاظمي الذي استخدم تفجير ساحة الطيران ببغداد كذريعة للتخلص من مسؤول يعتبر ناجحا وغير مسيس. ولكن الكاظمي قدم صورة مختلفة لمجلس الأمن القومي يوم الثلاثاء حيث شرح أحد أعضائه: “قال الكاظمي بوضوح إن الدول الأجنبية تعرف ما يقوم به البصري، لكن الحكومة العراقية لا فكرة لديها عما يفعله البصري”.
وقال المصدر إن البصري لم يقدم تقارير عن عمله لوزارة الداخلية أو نائب مدير الإستخبارات المسؤول عنه وكلاهما قدم تقارير سلبية عنه. وأضاف: “قال الكاظمي إن الاستخبارات كانت تراقب حركات ضابط مخابرات أجنبي واكتشفت لقاء البصري معه”.
واتصل الموقع مع المتحدث العسكري لرئيس الوزراء يحيى رسول للتعليق بدون تلقي إجابة.
وأكد البصري بدوره أن كل نشاطات رجاله مع العملاء الأجانب، سواء كانوا أمريكيين يواجهون تنظيم “الدولة” أو ممثلين عن السفارات تمت بمعرفة الحكومة. وفي الحقيقة نفى البصري أن يتهمه الكاظمي بالتعامل مع جهات أجنبية.وقال للموقع: “من غير المحتمل أن يقول الكاظمي هذا، مستحيل”. وأضاف: “لم أعمل لأحد غير العراق وأحبطت مئات السيارات المفخخة والتفجيرات الإنتحارية مما يعني أنني أفرحت آلاف الأطفال بحماية آبائهم. وقدمت أيضا الحماية لبناتنا في الجامعات اللاتي تعرضت للإبتزاز عبر الإنترنت”، و«لم أعقد أي اجتماع مع جهة دولية بدون معرفة الحكومة العراقية”.
وظهرت “خلية الصقور” من فوضى العراق عام 2009، حيث نفذت القاعدة تفجيرات انتحارية بشكل يومي تقريبا. ولم تعد أجهزة الإستخبارات قادرة على التعامل مع الوضع الأمني. وعانت من الفساد والطائفية والخلافات السياسية وقلة التجربة.
وتعرضت للاختراق من الجماعات السنية والشيعية المسلحة كما يقول مصدر فدرالي بارز: “عرفت (الجماعات المسلحة) كل شي عنا، أسماء الضباط ورتبهم وأرقام عرباتهم وعناوينهم والمهام الموكلة إليهم ومعداتهم ووقت تغيير المناوبات”، ولهذا السبب كانوا أسرع على التحرك وقتلوا الضباط والجنود من خلال قنصهم. وعقد عمل المخابرات كثرة الأجهزة والتعقيدات المتعلقة بالعمليات.
ثم جاء نوري المالكي في عام 2011 بفكرة إنشاء جهاز أمني بصلاحيات واسعة وعبر عن عقليته الأمنية وأطلق عليها خلية الصقور. وأطلق عليها “جهاز العمليات الخاصة” المرتبطة بمديرية المخابرات بوزارة الداخلية. وكانت خلية الصقور بمثابة جهاز تنفيذي يقدم خدمات للشخصيات البارزة.
وظلت الخلية بعيدة عن الأجهزة الأخرى طوال فترة حكم المالكي الذي عين أبو علي البصري مديرا لها، وهو أحد مسؤولي حزب الدعوة البارزين. وكان واحدا من 12 مسؤولا عراقيا أنشأوا الخلية بالتعاون مع الأمريكيين والبريطانيين. وكان عدد أفرادها في البداية ما بين 100 – 160 ولكن عددهم أصبح بحلول 2021 1.800 حسب مسؤول بارز.
وخصصت للخلية ميزانية خاصة وقاض خاص ومقر خاص في مطار المثنى العسكري، وظلت بنيتها سرية ولديها أحدث أجهزة الرقابة والرصد ولا يعادلها في هذا سوى المخابرات العامة التي قادها الكاظمي مرة.
وقال مسؤول أمني سابق: “خلية الصقور هي واحدة من أخطر الأجهزة الأمنية في البلد”، وهي وحدة نخبة تجمع ما بين العمليات الخاصة ومحاربة الجريمة المنظمة، ولم يسمع أحد بالخلية في سنواتها الأولى، وكان عملها ينحصر على ملاحقة الإرهاب والجماعات السنية المسلحة بارتباط مباشر مع مكتب المالكي.
وتذكر مسؤول أمني سابق عدم صلة الخلية مع الأجهزة الأخرى “لم يكن البصري تابعا لنا. وسمعنا أحيانا نائب وزير الاستخبارات يقول: سنقوم بعملية كبيرة هذا الأسبوع أو قمنا بعملية كبيرة الأسبوع الماضي بدون تقديم تفاصيل”. وظهر اسمها وبدأ الإعلام يتداوله في الحرب ضد تنظيم الدولة، حيث نسب إليها عدد من العمليات التي قتلت أفرادا وقادة مقربين من زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.
وعندما تم تشكيل الخلية تم اختيار عناصرها بعناية ومن الشيعة الموالين للمالكي وهادي العامري زعيم منظمة بدر، ولم يتم الكشف عن هذه الولاءات حتى لا ينقطع الدعم الغربي لها. ولم تقدم إيران دعما لوجتسيا أو فنيا لها. وتم تشكيل الخلية بالتعاون مع الأمريكيين والبريطانيين الذين أكدوا على اختيار الضباط للتدريب في المساقات التي أداروها. وقال مسؤول أمني سابق إن إصرار المخابرات البريطانية والأمريكية على اختيار العناصر كان مصدرا للخلاف والغضب، مضيفا أن التدريبات كانت خاصة ولا يمكن الاستغناء عنها في النهاية.
وكانت المخابرات البريطانية والأمريكية متشددة في التدقيق بالمرشحين، ورفض أي شخص على علاقة مع إيران أو جماعات إيرانية حتى من سافر إليها لأغراض دينية.
والسؤال فيما إن كانت هذه الإجراءات كافية لإبقاء إيران بعيدة. ومن الناحية النظرية كانت الخلية نظيفة، ولكن من الناحية العملية لم تقم أبدا بملاحقة جماعات شيعية. وكذا التعاون مع فصائل شيعية موالية لإيران كان من الاتهامات التي وجهت للبصري. فالخلية كانت جهازا خطيرا يمكنه العمل لتفكيك الجماعات المسلحة، لكنه لم يتحرك ضدها.
وقال المسؤول السابق: “لم تعمل الخلية ضدهم ولم يعمل البصري مع الفصائل. وهذا لا يعني أنه لم يسرب معلومات لها من فترة لأخرى أو تستر على آثارها”.
وفي تحركه أمر الكاظمي بربط الخلية بمكتب القائد العام، وتركيز عملها بملاحقة تنظيم “الدولة”، مما يعني أن الخلية استخدمت للقيام بعمليات غير مواجهة التنظيم. ونقل الموقع عن مسؤولين أمنيين سابقين وسياسيين شيعيين بارزين قولهم إن الخلية استخدمت في ملاحقة الناشطين المعارضين للحكومة أثناء احتجاجات تشرين الأول/ أكتوبر 2019. وأكدوا أن الخلية تعاونت مع بقية الفصائل لملاحقة وابتزاز الناشطين في كربلاء والبصرة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى